• Home
  • مقالات
  • موقع الأخلاق والسياسة والدين في الثقافة العربية المعاصرة

موقع الأخلاق والسياسة والدين في الثقافة العربية المعاصرة

د.حبيب حداد

في مقدمة المشاكل التي تعانيها ثقافتنا العربية المعاصرة ،هي أن هناك ،كما يتفق الكثيرون ونحن منهم ، أزمة ممتدة زمنيًا في العلاقة بين ثلاثي الأخلاق والتراث والحداثة . وهذه الأزمة بين العوامل الثلاثة المذكورة تستمد جذورها من الفهم الخاطىء لدور التراث ومحوره الأساس اي دور الدين في حياة مجتمعاتنا . فقد ذهب تيار من مفكرينا ومنهم عبد الوهاب المسيري وطه عبد الرحمن وحسن حنفي وعصمت سيف الدولة ، وغيرهم وهم الممثلون لتيار التعارض بين أخلاق تراثنا وهويتنا والحداثة الغربية ،كأنما الحداثة في قيمها ليست انسانية وعالمية ،٠فالحداثة الغربية في رأيهم غارقة في الماديات والنزعات الشهوانية والغرائزية والفردانية المفرطة وأنها تدهرنت اي فصلت الأخلاق عن الدين ،وتعلمنت أي فصلت السياسة عن الدين منذ أيام آدامز هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وعصر التنوير ، . ويضيف عبد الوهاب المسيري إلى هذه الانحرافات تحول دولة الحداثة الغربية إلى مصدر للمرجعية الأخلاقية للمجتمع ولكل شيء ! اي أن هذه الدولة كائن مادي يتعامل مع البشر باعتبارهم أرقامًا ومع الأسرة بوصفها مدجنة ومع الإنسان بوصفه كائنًا بيولوجيًا لا أكثر!!! أما التيار المتحمس للحداثة ،والذي ينطلق في موقفه من اعتبارها حصيلة التطور الحضاري التاريخي الإنساني ،فيرى أن علينا دون إحجام أو تردد الأخذ بكل منجزات الحداثة السياسية والأخلاقية والعمل على تبينيها بما يتفق و مراحل تطور مجتمعاتنا نحو المستقبل المنشود الذي يستهدف مواكبة مسار التطور العالمي ٠ ويمثل هذا التيار في ثقافتنا المعاصرة: طه حسين وفرح انطون وعبدالله العروي وسمير امين وناصيف نصار وعلي الوردي وجورج طرابيشي وعزيز العظمة وعادل ظاهر وآخرون ،من مناصري الليبرالية والديمقراطية والماركسية…،ويرى هؤلاء أن للحداثة قيمها ومبادؤها العقلانية والعلمانية التي لا بد من الأخذ بها بصورة كاملة ،وأن التراث قد إنتهى دوره ،فهو في الوقت ،الذي يعزز فيه ثقتنا بأنفسنا ، علينا وعيه وتجاوز كل ما فيه من عناصر ومفاهيم وقيم لا عقلانية عفا عليها الزمن وأن نستوعب في وعينا وبكيفية إيجابية موقفنا من العلمانية باعتبارها الشرط الأساس للنهضة والديمقراطية وكسب رهان التقدم الحضاري ،

Share this post

Subscribe to our newsletter

Keep up with the latest blog posts by staying updated. No spamming: we promise.
By clicking Sign Up you’re confirming that you agree with our Terms and Conditions.

Related posts